فصل: قال القرطبي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

{مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ}
اعلم أن الكفار كانوا ينازعون محمدًا صلى الله عليه وسلم في أكثر الأحوال، فكانوا يظهرون من أنفسهم أن محمدًا مبطل ونحن محقون، وإنما نبالغ في منازعته لتحقيق الحق وإبطال الباطل، وكانوا كاذبين فيه، بل كان غرضهم محض الحسد والاستنكاف من المتابعة، فأنزل الله تعالى هذه الآية لتقرير هذا المعنى.
ونظير هذه الآية قوله تعالى: {مَّن كَانَ يُرِيدُ العاجلة عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ} [الإسراء: 18] وقوله: {مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخرة نَزِدْ لَهُ في حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدنيا نُؤْتِهِ مِنْهَا ومالَهُ في الآخرة مِن نَّصِيبٍ} [الشورى: 20] وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى:
اعلم أن في الآية قولين:
القول الأول: أنها مختصة بالكفار، لأن قوله: {مَن كَانَ يُرِيدُ الحياة الدنيا} يندرج فيه المؤمن والكافر والصديق والزنديق، لأن كل أحد يريد التمتع بلذات الدنيا وطيباتها والانتفاع بخيراتها وشهواتها، إلا أن آخر الآية يدل على أن المراد من هذا العام الخاص وهو الكافر، لأن قوله تعالى: {أُوْلَئِكَ الذين لَيْسَ لَهُمْ في الآخرة إِلاَّ النار وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} لا يليق إلا بالكفار، فصار تقدير الآية: من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها فقط، أي تكون إرادته مقصورة على حب الدنيا وزينتها ولم يكن طالبًا لسعادات الآخرة، كان حكمه كذا وكذا، ثم القائلون بهذا القول اختلفوا فيه، فمنهم من قال: المراد منهم منكرو البعث فإنهم ينكرون الآخرة ولا يرغبون إلا في سعادات الدنيا، وهذا قول الأصم وكلامه ظاهر.
والقول الثاني: أن الآية نزلت في المنافقين الذين كانوا يطلبون بغزوهم مع الرسول عليه السلام الغنائم من دون أن يؤمنوا بالآخرة وثوابها.
والقول الثالث: أن المراد: اليهود والنصارى؛ وهو منقول عن أنس.
والقول الرابع: وهو الذي اختاره القاضي أن المراد: من كان يريد بعمل الخير الحياة الدنيا وزينتها، وعمل الخير قسمان: العبادات، وإيصال المنفعة إلى الحيوان، ويدخل في هذا القسم الثاني البر وصلة الرحم والصدقة وبناء القناطر وتسوية الطرق والسعي في دفع الشرور وإجراء الأنهار.
فهذه الأشياء إذا أتى بها الكافر لأجل الثناء في الدنيا، فإن بسببها تصل الخيرات والمنافع إلى المحتاجين، فكلها تكون من أعمال الخير، فلا جرم هذه الأعمال تكون طاعات سواء صدرت من الكافر أو المسلم.
وأما العبادات: فهي إنما تكون طاعات بنيات مخصوصة، فإذا لم يؤت بتلك النية، وإنما أتى فاعلها بها على طلب زينة الدنيا، وتحصيل الرياء والسمعة فيها صار وجودها كعدمها فلا تكون من باب الطاعات.
وإذا عرفت هذا فنقول قوله: {مَن كَانَ يُرِيدُ الحياة الدنيا وَزِينَتَهَا} المراد منه الطاعات التي يصح صدورها من الكافر.
القول الثاني: وهو أن تجري الآية على ظاهرها في العموم، ونقول: إنه يندرج فيه المؤمن الذي يأتي بالطاعات على سبيل الرياء والسمعة، ويندرج فيه الكافر الذي هذا صفته، وهذا القول مشكل، لأن قوله: {أُوْلَئِكَ الذين لَيْسَ لَهُمْ في الآخرة إِلاَّ النار} لا يليق المؤمن إلا إذا قلنا المراد أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار بسبب هذه الأعمال الفاسدة والأفعال الباطلة المقرونة بالرياء، ثم القائلون بهذا القول ذكروا أخبارًا كثيرة في هذا الباب.
روي أن الرسول عليه السلام قال: «تعوذوا بالله من جب الحزن» قيل وما جب الحزن؟ قال عليه الصلاة والسلام: «واد في جهنم يلقى فيه القراء المراؤون» وقال عليه الصلاة والسلام: «أشد الناس عذابًا يوم القيامة من يرى الناس أن فيه خيرًا ولا خير فيه» وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا كان يوم القيامة يدعى برجل جمع القرآن، فيقال له ما عملت فيه؟ فيقول يا رب قمت به آناء الليل والنهار فيقول الله تعالى كذبت بل أردت أن يقال: فلان قارئ، وقد قيل ذلك، ويؤت بصاحب المال فيقول الله له ألم أوسع عليك فماذا عملت فيما آتيتك فيقول: وصلت الرحم وتصدقت، فيقول الله تعالى كذبت بل أردت أن يقال فلان جواد، وقد قيل ذلك ويؤتى بمن قتل في سبيل الله فيقول قاتلت في الجهاد حتى قتلت فيقول الله تعالى كذبت بل أردت أن يقال فلان جريء وقد قيل ذلك قال أبو هريرة رضي الله عنه ثم ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ركبتي وقال يا أبا هريرة أولئك الثلاثة أول خلق تسعر بهم النار يوم القيامة وروي أن أبا هريرة رضي الله عنه ذكر هذا الحديث عند معاوية قال الراوي فبكى حتى ظننا أنه هالك ثم أفاق وقال صدق الله ورسوله: {مَن كَانَ يُرِيدُ الحياة الدنيا وَزِينَتَهَا نُوَفّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا}».
المسألة الثانية:
المراد من توفية أجور تلك الأعمال هو أن كل ما يستحقون بها من الثواب فإنه يصل إليهم حال كونهم في دار الدنيا، فإذا خرجوا من الدنيا لم يبق معهم من تلك الأعمال أثر من آثار الخيرات، بل ليس لهم منها إلا النار.
واعلم أن العقل يدل عليه قطعًا، وذلك لأن من أتى بالأعمال لأجل طلب الثناء في الدنيا ولأجل الرياء، فذلك لأجل أنه غلب على قلبه حب الدنيا، ولم يحصل في قلبه حب الآخرة، إذ لو عرف حقيقة الآخرة وما فيها من السعادات لامتنع أن يأتي بالخيرات لأجل الدنيا وينسى أمر الآخرة، فثبت أن الآتي بأعمال البر لأجل الدنيا لابد وأن يكون عظيم الرغبة في الدنيا عديم الطلب للآخرة ومن كان كذلك فإذا مات فإنه يفوته جميع منافع الدنيا ويبقى عاجزًا عن وجدانها غير قادر على تحصيلها، ومن أحب شيئًا ثم حيل بينه وبين المطلوب فإنه لابد وأن تشتعل في قلبه نيران الحسرات فثبت بهذا البرهان العقلي، أن كل من أتى بعمل من الأعمال لطلب الأحوال الدنيوية فإنه يجد تلك المنفعة الدنيوية اللائقة بذلك العمل، ثم إذا مات فإنه لا يحصل له منه إلا النار ويصير ذلك العمل في الدار الآخرة محبطًا باطلًا عديم الأثر. اهـ.

.قال القرطبي:

{مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ}
فيه ثلاث مسائل:
الأولى:
قوله تعالى: {مَن كَانَ} كان زائدة، ولهذا جزم بالجواب فقال: {نُوَفِّ إِلَيْهِمْ} قاله الفراء.
وقال الزجاج: {مَنْ كَانَ} في موضع جزم بالشرط، وجوابه: {نُوَفِّ إِلَيْهِمْ} أي من يَكُنْ يريد؛ والأول في اللفظ ماض والثاني مستقبل، كما قال زهير:
وَمَنْ هَاب أسباب المنيةِ يَلْقَها ** ولو رامَ أسبابَ السَّماءِ بسُلَّمِ

واختلف العلماء في تأويل هذه الآية؛ فقيل: نزلت في الكفار؛ قاله الضحاك، واختاره النحاس؛ بدليل الآية التي بعدها: {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فيِ الآخَرِةِ إِلاَّ النَّارُ} أي من أتى منهم بصلة رَحِم أو صدقة نكافئه بها في الدنيا، بصحة الجسم، وكثرة الرزق، لكن لا حسنة له في الآخرة. وقد تقدم هذا المعنى في براءة مستوفى.
وقيل: المراد بالآية المؤمنون؛ أي من أراد بعمله ثواب الدنيا عُجل له الثواب ولم يُنقص شيئًا في الدنيا، وله في الآخرة العذاب لأنه جرد قصده إلى الدنيا، وهذا كما قال صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات» فالعبد إنما يُعطى على وجه قصده، وبحكم ضميره؛ وهذا أمر متفق عليه في الأمم بين كل مِلّة.
وقيل: هو لأهل الرياء؛ وفي الخبر: «أنه يقال لأهل الرياء: صُمتم وصلّيتم وتصدّقتم وجاهدتم وقرأتم ليقال ذلك فقد قيل ذلك ثم قال: إنّ هؤلاء أولُ من تُسْعَر بهم النار».
رواه أبو هريرة، ثم بكى بكاء شديدًا وقال: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: {مَن كَانَ يُرِيدُ الحياة الدنيا وَزِينَتَهَا} وقرأ الآيتين، خرّجه مسلم في صحيحه بمعناه والترمذيّ أيضًا.
وقيل: الآية عامة في كل من ينوي بعمله غير الله تعالى، كان معه أصل إيمان أو لم يكن؛ قاله مجاهد وميمون ابن مِهْران، وإليه ذهب معاوية رحمه الله تعالى.
وقال ميمون بن مِهْران: ليس أحد يعمل حسنة إلا وُفّي ثوابها؛ فإن كان مسلمًا مخلصًا وُفّي في الدنيا والآخرة، وإن كان كافرًا وُفِّي في الدنيا.
وقيل: من كان يريد (الدنيا) بغزوه مع النبي صلى الله عليه وسلم وُفِّيَها، أي وُفِّي أجر الغَزاة ولم يُنقص منها؛ وهذا خصوص والصحيح العموم.
الثانية:
قال بعض العلماء: معنى هذه الآية قوله عليه السلام: «إنما الأعمال بالنيات» وتدلك هذه الآية على أن من صام في رمضان لا عن رمضان لا يقع عن رمضان، وتدلّ على أن من توضأ للتبرّد والتنظف لا يقع قربة عن جهة الصلاة، وهكذا كل ما كان في معناه.
الثالثة:
ذهب أكثر العلماء إلى أن هذه الآية مطلقة؛ وكذلك الآية التي في الشورى: {مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخرة نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدنيا نُؤْتِهِ مِنْهَا} [الشورى: 42] الآية.
وكذلك: {وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا} [آل عمران: 145] قيدها وفسرها التي في سبحان: {مَّن كَانَ يُرِيدُ العاجلة عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَن نُّرِيدُ} [الإسراء: 18] إلى قوله: {مَحْظُورًا} فأخبر سبحانه أن العبد ينوي ويريد والله سبحانه يحكم ما يريد، وروى الضّحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {مَن كَانَ يُرِيدُ الحياة الدنيا} أنها منسوخة بقوله: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ}.
والصحيح ما ذكرناه؛ وأنه من باب الإِطلاق والتقييد؛ ومثله قوله: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الداع إِذَا دَعَانِ} [البقرة: 186] فهذا ظاهره خبر عن إجابة كلّ داعٍ دائمًا على كل حال، وليس كذلك؛ لقوله تعالى: {فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ} [الأنعام: 41].
والنسخ في الأخبار لا يجوز؛ لاستحالة تبدّل الواجبات العقلية، ولاستحالة الكذب على الله تعالى؛ فأما الأخبار عن الأحكام الشرعية فيجوز نسخها على خلاف فيه، على ما هو مذكور في الأصول؛ ويأتي في النحل بيانه إن شاء الله تعالى. قوله تعالى: {أولئك الذين لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخرة إِلاَّ النار} إشارة إلى التّخليد، والمؤمن لا يُخلَّد؛ لقوله تعالى: {إِنَّ الله لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذلك} [النساء: 116] الآية.
فهو محمول على ما لو كانت موافاة هذا المرائي على الكفر.
وقيل: المعنى ليس لهم إلا النار في أيام معلومة ثم يخرج؛ إما بالشفاعة، وإما بالقَبْضة.
والآية تقتضي الوعيد بسلْب الإيمان؛ وفي الحديث (الماضي) يريد الكفر وخاصة الرياء، إذ هو شرك على ما تقدّم بيانه في النساء ويأتي في آخر الكهف.
{وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} ابتداء وخبر؛ قال أبو حاتم: وحذف الهاء؛ قال النحاس: هذا لا يحتاج إلى حذف؛ لأنه بمعنى المصدر؛ أي وباطل عمله.
وفي حرف أبيّ وعبد الله: {وَبَاطِلًا مَا كَانُوا يَعْمَلُون} وتكون {ما} زائدة؛ أي وكانوا يعملون باطلًا. اهـ.

.قال الخازن:

قوله: {من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها} يعني بعمله الذي يعمله من أعمال البر نزلت في كل من عمل عملًا يبتغي به غير الله: {نوف إليهم أعمالهم فيها} يعني أجور أعمالهم التي عملوها لطلب الدنيا وذلك أن الله سحبانه وتعالى يوسع عليهم في الرزق ويدفع عنهم المكاره في الدنيا ونحو ذلك: {وهم فيها لا يبخسون} يعني أنهم لا ينقصون من أجور أعمالهم التي علموها لطلب الدنيا بل يعطون أجور أعمالهم كاملة موفرة.
{أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا} يعني وبطل ما عملوا في الدنيا من أعمال البر: {وباطل ما كانوا يعملون} لأنه لغير الله واختلف المفسرون في المعنى بهذه الآية فروى قتادة عن أنس أنها في اليهود والنصارى وعن احسن مثله، وقال الضحاك: من عمل عملًا صالحًا في غير تقوى يعني من أهل الشرك أعطي على ذلك اجرًا في الدنيا وهو أن يصل رحمًا أو يعطي سائلًا أو يرحم مضطرًا أو نحو هذا من أعمال البر فيجعل الله له ثواب عمله في الدنيا يوسع عليه في المعيشة والرزق ويقر عينه فيما خوله ويدعف عنه المكاره في الدنيا وليس له في الآخرة نصيب ويدل على صحة هذا القول سياق الآية وهو قوله أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار الآية وهذه حالة الكافر في الآخرة وقيل نزلت في المنافقين الذين كانوا يطلبون بغزوهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الغنائم لأنهم كانوا لا يرجون ثواب الآخرة وقيل إن حمل الآية على العموم أولى فيندرج الكافر والمنافق الذي هذه صفته والمؤمن الذي يأتي بالطاعات وأعمال البر على وجه الرياء والسمعة قال مجاهد في هذه الآية هم أهل الرياء وهذا القول مشكل لأن قوله سبحانه وتعالى: {أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار} لا يليق بحال المؤمن إلا إذا قلنا إن تلك الأعمال الفاسدة والأفعال الباطلة لما كانت لغير الله استحق فاعلها الوعيد الشديد وهو عذاب النار ويدل على هذا ما روي عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قال الله تبارك وتعالى: «أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملًا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه» أخرجه مسلم عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من تعلم علمًا لغير الله أو أراد به غير الله فليتبوأ مقعده من النار» أخرجه الترمذي، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من تعلم علمًا مما يبتغي به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب به غرضًا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة». يعني ريحها أخرجه أبو داود عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تعوذوا بالله من جب الحزن قالوا يا رسول الله وما جب الحزن قال واد في جهنم تتعوذ منه جهنم كل يوم ألف مرة قيل يا رسول الله من يدخله قال القراء المراؤون بأعمالهم» أخرجه الترمذي وقال حديث حسن غريب قال البغوي وروينا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر قالوا يا رسول الله وما الشرك الأصغر قال الرياء» أخرجه بغير سند والرياء هو أن يظهر الإنسان الأعمال الصالحة ليحمده الناس عليها أو ليعتقدوا فيه الصلاة أو ليقصدوه بالعطاء فهذا العمل هو الذي لغير الله نعوذ بالله من الخذلان قال البغوي وقيل هذا في الكفار يعني قوله من كان يريد الحياة وزينتها أما المؤمن فيريد الدنيا والآخرة وإرادته الآخرة غالبة فيجازى بحسناته في الدنيا ويثاب عليها في الآخرة وروينا عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله لا يظلم المؤمن حسنة يثاب عليها الرزق في الدنيا ويجزى بها في الآخرة وأما الكافر فيطعم بحسناته في الدنيا حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم يكن له حسنة يعطى بها خيرًا» أخرجه البغوي بغير سند. اهـ.

.قال أبو حيان:

{مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا} مناسبة هذه الآية لما قبلها، أنه تعالى لما ذكر شيئًا من أحوال الكفار المناقضين في القرآن، ذكر شيئًا من أحوالهم الدنيوية وما يؤولون إليه في الآخرة.
وظاهر من العموم في كل من يريد زينة الحياة الدنيا، والجزاء مقرون بمشيئته تعالى كما بين ذلك في قوله تعالى: {من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء} الآية.
وقال مجاهد: هي في الكفرة، وفي أهل الرياء من المؤمنين.
وإلى هذا ذهب معونة حين حدث بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في المرائين، فتلا هذه الآية.
وقال أنس: هي في اليهود والنصارى.
قال ابن عطية: ومعنى هذا أنهم يدخلون في هذه الآية لا أنها ليست لغيرهم.
وقيل: في المنافقين الذين جاهدوا مع الرسول فاسهم لهم، ومعنى يريد الحياة الدنيا أي يقصد بأعماله التي يظهر أنها صالحة الدنيا فقط، ولا يعتقد آخره.
فإنّ الله يجازيه على حسن أعماله كما جاء، وأما الكافر فيطعمه في الدنيا بحسناته.